نانوسه المدير العام
علم الدولة : عدد الرسائل : 382 تاريخ التسجيل : 11/05/2010
-- توقيت القاهرة:
| موضوع: النار........ 5/23/2010, 02:11 | |
| النّار
[size=21]الحمدُ للهِ ذي العِزِّ المجيد والبطْشِ الشَّديد المبدئ 1 المُعيد 2 الفعّال لما يُريد المُنتَقِم مِمَّن عصاهُ بالنارِ بعد الإنْذارِ بها والوعيد ,المُكْرِمِ لِمَن خافَهُ واتَّقاهُ بِدارٍ لهم فيها من كُلِّ خيرٍ مَزيد ,فسُبحانَ مَن قسمَ عبادَهُ قِسْمَيْنِ وجعلَهُم فريقينِ فمنهم شَقِيٌّ وسعيد ,من عَمِلَ صالِحاً فلِنَفسِه ومن أساءَ فعليها وما رَبُّكَ بِظلّامٍ للعبيد , نحمَدُهُ تعالى فهو أهلٌ للحَمدِ والثَّناء والتَّمْجيد ,ونشْكرُهُ ونِعَمَهُ بالشُّكرِ تدومُ وتزيد ,ونشهدُ أنه لا اله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا نَديد 3 , ونشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله الدّاعي إلى التَّوحيد السّاعي بِالنُّصْحِ للقريبِ والبعيد ,الذي بشَّرَ المؤمنين بِدارٍ لا يفْنى نعيمُها ولا يَبيد وحذَّرِ العُصاةَ من نارٍ تلظّى بِدَوامِ الْوَقيد
يقول الله تبارك وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6
ـــــــــــــــــــ 1(المبدئ : الذي خلقَ الْخَلْقَ أي أبْرزَهُ من العدَم إلى الوجود ) 2(المُعيد : أي الذي أعادَهُم بعد موْتِهِم ,اللهُ يُعيدُ الخلْقَ يوم البعث يوم يخرجون من قبورهم ) 3(نديد : المَثيل والمُشارِك)
إن الله تبارك وتعالى خلقَ الجِنَّ والإنسَ لِيأمُرَهُم بعِبادَتِه ونصبَ لهم الأدلَِّةَ الدّالَّةَ على عمَتِه لِيَهابوهُ ويخافوهُ خَوْفَ الإجْلال,ووصفَ لهم شِدَّةَ عذابِه ودارَ عِقابِه التي أعدَّها لِمِن عصاهُ لِيَتَّقوهُ بصالِحِ الأعمال , ولهذا كَرَّر سبحانه وتعالى في كِتابِه ذِكْرَ النارِ وما أعدَّهُ اللهُ فيها لِأعدائهِ من العذابِ والنَّكال , وما احْتَوتْ عليهِ من الزَقّومِ والضَّريعِ والحميمِ والسَّلاسِلِ والأغْلال, إلى غيرِ ذلك مِمّا فيها من العَظائِمِ والأهوال, ودعا عِبادَهُ لذلك إلى خَشْيَتِهِ وتقْواه, والْمُسارَعَةِ إلى امْتِثالِ ما يأمُرُ به ويُحِبُّهُ ويرضاه, واجتِنابِ ما ينهى عنه ويكْرَهُهُ ويأباه ,فقال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ }يونس108 فمَن تأمَّلَ الكِتابَ الكريم وأدارَ فِكْرَهُ فيه وجَدَ أنَّ التقوى هي طريقُ الفلاح,وكذلك من تأمَّلَ السُّنَةَ الصحيحةَ التي هي مُفَسِّرَة لِمعاني الكتابِ وتأمَّلَ سِيَرَ السَّلَفِ الصّالحِ أهل العِلمِ والإيمان من الصحابةِ والتّابِعين لهم بِإحسان,من تأمَّلها عَلِمَ أحْوالَ القوْمِ وما كانوا عليهِ من الخوفِ والخَشْيَةِ والإخْبات,وأنَّ ذلك هو الذي رقّاهُم إلى تِلكَ الأحوالِ الشَّريفة والمقاماتِ السَّنِيّات مِن شِدَّةِ الاجتهاد في الطّاعات والإنْكِفافِ عن دقائِقِ الأعمالِ المكْروهاتِ فضْلاً عن المُحَرَّمات, ولهذا قال بعضُ السَّلفِ الصّالِح : (خَوْفُ الله تعالى حجَبَ قلوبَ الخائفينَ عن زهْرَةِ الدنيا وعوارِضِ الشُّبهات ). ويُروى عن الربيع بن خَيْثَم التّابعي رضي الله عنه كان يمُرُّ عليه أيّام ولا ينام الليلقالت له ابنتهُ يوماً يا أبَتِ مالي أرى الناسَ ينامونَ ولا أراك تنام فقال لها يا ابنتي نارُ جهنم لا تَدَعُني أنام) أي أن ذِكْرَ النارِ وأهوالها لا يكادُ يُفارِقُهُ فلا يستطيعُ النَّوم
ومن هذا المعنى أيضا ما ورد في الحديث عن رسول الله أنه قال(لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله لوددت أني كنت شجرة تعضد)رواه الترمذي معناهُ لو تعلمون ما أعلم أنا من أمورِ القبرِ وأهوالِ الآخرة لكانَ قَلَّ ضَحِكِكُم وكَثُرَ بُكائُكم
فيُقالُ للغافِلِ عن نفْسِهِ المغْرورِ بِما هو فيهِ مِن شواغِلِ هذه الدنيا المُشْرِفَةِ على الإنْقِضاءِ والزَّوال دَعِ التَّفَكُّرَ فيما أنت مُرْتَحِلٌ عنه وتفَكَّر فيما أنت مُرْتَحِلٌ إليه واعْمَلْ لِيومٍ لا ينفَعُ نفساً إيمانُها لم تكَنْ آمنتْ من قبلُ أو كسبَتْ في إيمانِها خيرا ,وتفَكَّر في نارِ جهنم التي أعدَّها اللهُ للظالمين وتفَكَّر في طبقاتِها ودركاتِها, وقَعْرِها وعُمْقِها, وفي سُرادِقِها, وفي ظُلمَتِها وشِدَّةِ سوادِها, وفي حَرِّها وزمهَريرِها, وتغَيُّظِها وزَفيرِها, وفي دُخانِها وشرَرِها ولهَبِها, وتفَكَّر في أوْدِيَتِها وفي سلاسِلِها, وأغلالِها وأنْكالِها وحِجارَتِها, وفي حَيّاتِها وعَقارِبِها, وطعامِ أهلها وشرابِهِم, وكسوَتِهم ولِباسِهم, وقُبْحِ صُوَرِهِم وهيئاتِهِم, وعِظَمِ أجْسادِهِم وأضْراسِهم, وتفَكَّر في بُكائِهم, وفي زَفيرِهم وشَهيقِهم, وصُراخِهم ودُعائِهم الذي لا يُسْتَجابُ لهم, وتفَكَّر يومَ يُنادِ المُنادي من الزَّبانِيَةِ قائلاً أين فلانُ بن فلان الْمُسَوِّف نفسَهُ في الدنيا بِطول الأمل, المُضَيِّعِ عُمْرَهُ بِسوء العمل ,فيتَبادَرونَهُ بِمَقامِعَ من حديد, ويسْتَقْبِلونَهُ بِعظائِمِ التَّهْديد ويَسوقونَهُ إلى العذابِ الشَّديد وَيُنَكِّسونَهُ في قَعْرِ جهنم ويقولون له{ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ{49}( الدخان) وتفَكَّر في حالِ الكُفارِ وقد شُدَّتْ أقدامُهُم إلى النَّواصي واسْوَدَّتْ وجوههم من ظُلمَةِ المعاصي,يُنادونَ من أكْنافِها(من الجوانِب) ويَصيحونَ من نواحيها وأطرافِها يا مالِكُ(وهو خازِن النار)
قد حَقَّ علينا الوعيد يا مالك قد أثقلنا الحديد يا مالِك قد نضَجَتْ مِنّا الجُلود يا مالِك أخْرِجْنا منها فإنّا لا نعود فتقولُ لهم الزَّبانِيَةُ هيهاتَ هيهات لا خروجَ لكم من دارِ الهوانِ ,يقول تعالى{وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ{77} لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ{78} (الزخرف) ويقول سبحانه{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ{103} تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ{104} أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ{105} قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ{106} رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ {107} قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ{108} (المؤمنون) , فعِندَ ذلك يقْنَطون, وعلى ما فرَّطوا في جَنْبِ اللهِ يتأسَّفون ولا يُنْجيهِم النَّدم ولا يُغْنيهِم الأسف فهم خالِدينَ في جهنم ,من فوقِهِم نارٌ ومن تَحْتِهِم نارٌ وعن أيْمانِهِم نارٌ وعن شَمائِلِهم نار,طعامُهُم نارٌ وشرابُهم نارٌ ولِباسُهم نار, فهُم غرقى في النار,تغلي بِهم كغَلْيِ القُدور,يُصَبُّ من فوقِ رؤوسِهم الحميم,فَيُصهَرُ به ما في بُطونِهِم والجُلود,ولهم مقامِعُ من حديد,تُكْسَرُ بها جِباهُهُم,فيتَفجَّرُ الصَّديدُ من أفواهِهِم,وتتقَطَّعُ من العطَشِ اكْبادُهم,وتسيلُ على الخُدودِ أحداقُهم,وتسْقُطُ عن الْوجَناتِ لُحومُها, وكُلَّما نضجَتْ جُلودُهم بُدِّلوا جلوداً غيرَها لِيَذوقوا العذاب
هذا حالُ المجرِمينَ في الآخِرة,فعَلَيْكُم بِتَقْوى الله,فإن تقوى الله ما جاوَرَتْ قلْبَ مسلِمٍ إلا وصل
تُبَدَّلُ جلود أهل النار في كل يوم سبعين ألف مرة إلى ما لا نهاية له,وقد قال ربُّنا عن حالِ الكافِرِ في جهنم {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى }(الأعلى13)أي لا يموتُ فيرتاح من العذابِ ولا يحيى حياةً طيِّبةً هنِيَّة
يقول الله تعالى{ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً{64} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً{65}( الأحزاب) وقد جعلَ اللهُ تعالى مَقْعَدَ الكافِرِ في جهنم مَسيرَةَ ثلاثةِ أيام,ويزيدُ اللهُ في جِسْمهِ لِيَزدادَ عليهِ العذاب حتى يكون طول ضِرْسهِ في جهنم كجبَلِ أحد وسُمكُ جِلْدهِ أربعين ذراعاً وهذا كلُّهُ ليزداد عليه العذاب,إذ لو كان على هيئتهِ في الدنيا لَذابَ بِلحظة,لأن نارَ جهنم شديدةُ الحرارة,فقد ثبت في الحديث عن رسول الله أنه قال(أوقدَ على النار ألفُ عامٍ حتى احْمَرَّت و ألفُ عامٍ حتى ابْيَضَّت و ألفُ عامٍ حتى اسْوَدَّت فهي سوداءُ مظلِمة),فنارُ الدنيا جزءٌ من سبعينَ جزءاً من نارِ جهنم,وجهنمُ الآن مخلوقَةٌ ولا تزالُ باقِيَةً إلى ما لا نهايةَ له,موْقِعُها تحت الأرض السّابِعة
هذا مذهَبُ أهل الحَقِّ ومَنْ قال أن جهنمَ تفْنى ويفنى عذابُها فقد كَذَّبَ القرآن,فالآياتُ التي فيها ذِكْرُ بقاءِ جهنمَ وخُلودِ أهلها فيها كثيرة,فقد قال ربنا عن الكفار في جهنم { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }(البقرة167 ) وقال تعالى {يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }المائدة37 ويقول سبحانه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ }(فاطر36)
نسألُ اللهَ تبارك وتعالى أن يُجيرَنا من نارِ جهنم,وأن يُجيرَنا من نارِ الحريق وأن يُجيرَنا من سقر, وأن يُجيرَنا من الجحيم وأن يُجيرَنا من لظى نَزَّاعةً لِلشَوى فإن اللهَ على كل شيءٍ قدير
[/size] | |
|