نانوسه المدير العام
علم الدولة : عدد الرسائل : 382 تاريخ التسجيل : 11/05/2010
-- توقيت القاهرة:
| موضوع: الصراط...... 5/23/2010, 02:09 | |
| الصِّراط
يُروى عن ابن عباس أن النبي قال له(يا ابن أخي إذا سمعتَ قول الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا) فأرْعِهِ سمعك فإنهُ إما خيرٌ تؤمرُ به وإما شرٌّ تُنهى عنه)
يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6 ,
قوا أنفسكم أي جَنِّبوا أنفسكم النار التي وقودها الناس والحجارة بِتَعلُّم علم الدين أي معرفة ما فرض الله على عباده وما حرَّم ,وقد جاء عن علي بن أبي طالب أنه قال في تفسيرها – أي الآية- علِّموا أنفسكم وأهليكم الخير أي علم الدين
هذه الأرض بعد أن يُحاسبَ الناسُ عليها تُرمى في جهنم لِتَزيدها وقوداً وكذلك الشمس تُرمى في جهنم بعد أن يُطمَسَ نورها وكذلك القمر وتقول جهنم هل من مزيد . أما قوله تعالى(عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ) غِلاظ أي أنهم لا يرحمون الكفار,وشِداد أي أقوياء
فالله تعالى أمرنا بالوقاية من نارٍ حرُّها شديد وقعرُها بعيد ,من نارٍ وقودها الناس والحجارة ,من نارٍ قال عنها رَبُّها { وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً{72} مريم71 يُنصَبُ الصراطُ يوم القيامة وهو جِسمٌ عريض ممدود على ظهرِ جهنم , تَرِدُ عليهِ الخلائقُ يومئذٍ ,أحدُ طرفَيْهِ في الأرض المُبدَّلة والطَّرفُ الآخَرُ فيما يلي الجنة بعد النار ,وورد في صِفَتِهِ كما جاء في الحديث ( انه دحض مزلّة ) أي أملس تزل عنه الأقدام
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال بلغني أنه أدقُّ من الشعرة وأحدُّ من السيف )ولم يرد مرفوعا إلى الرسول , وليس المراد ظاهره بل هو في الحقيقة ليس دقيقا كالشعرة إنما هو عريض وإنما المراد بذلك وصف خطره أي أن خطره عظيم يُخافُ من الانزلاق عنه لأنه مائل وأملس ولكن يُسْرَ الجوازِ عليه وعُسْرَهُ على قدر الطاعات والمعاصي ولا يعلم حدود ذلك إلا الله . فقد ورد في الصحيح ( أنه تجري بهم أعمالهم ) أي أن أعمالهم تصير لهم قوة السير والورود المذكور في الآية نوعان : ورود دخول وهو للكفار وبعض عصاة المسلمين أي يزِلُّون منه إلى جهنم والعياذ بالله,
وورود مرور ويكون بالعبور على الصراط, والمؤمنون في ذلك على قسمين : قِسمٌ لا يدوسون على الصراط إنما يمرّون في هواءهِ طائرين وهؤلاء يَصْدُقُ عليهم أنهم وردوها لأنه ليس من شروط الورود المذكور بالقرآن بقوله تعالى (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) دخولها, فَمِنْ هؤلاء من يَمُرُّ كالبرق الخاطف ومنهم من يَمُرُّ كطرفةِ عيْن ومنهم من يَمُرُّ كالسّهم المرمي ومنهم من يَمُرُّ كالطّائر السريع
وأما القِسم الثاني يدوسون الصراط: فمنهم من يَمُرُّ ماشِياً ببطء ومنهم من يحبوا حَبْواً, والنبيُ قائمٌ على الصراط يقول يا ربِّ سَلِّمْ سَلِّمْ كما جاء في الحديث, ثم هؤلاء منهم من يُنَجّيهم الله تعالى برحمته فَيَخْلُصونَ منها وقِسمٌ آخر يقعون فيها ..
أما الكفار فكلّهم يتساقطون, يقعون في جهنم لا يُخَفَّفُ عنهم العذاب وما هم بِخارِجين من النار
وورد أن الناسَ لَمّا ودَّعوا جيشَ النبيِّ الذّاهب إلى أرضِ مؤتة كان مِمَّنْ وُدِّعَ عبد الله بن رواحة فبكى فقالوا ما يُبْكيكَ يا عبد الله فقال أما والله ما بي حُبٌّ للدنيا ولا صَبابةً بِكُم ولكني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأُ آيةً مِن كتابِ اللهِ يذكرُ فيها النار{وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً}فلستُ أدري كيفَ لي بِالصَّدْرِ بعدَ الورود,فقال الناس نصرَكُم اللهُ ودفَعَ عنكُم وردَّكُم إلينا صالِحين فقال عبد الله
ولكنني أسألُ الرحمنَ مغفِرَةً وضرْبَـةً ذاتَ فَرْغٍ تقْذِفُ الزَّبدا
أو طعنةً بِيَديْ حرّانَ مُجْهِزَةً تُنْفِذُ الأحشــــــاءَ والكَبِدا
حتـى إذا مَرّوا علـى جدثي قالوا أرْشَدَهُ اللهُ مِن غازٍ وقد رشدا
قال الإمام الغزالي : فَتَفكَّر يا عبد الله بعد هذه الأحوال في قوله تعالى{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85} وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً{86}) سورة مريم وقوله تعالى{فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ{23} وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{24} الصافات ,
ثم تفكَّر فيما يَحِلُّ من الفزعِ بفؤادك إذا رأيْتَ الصراط ثم وقع بصرُكَ على سَواءِ جهنم ثم قرَعَ سَمْعَكَ شهيقُ النار وقد كُلِّفْتَ أن تمشي على الصراط مع ضَعْفِ حالِكَ واضطرابِ قلبِكَ وتَزَلْزُلِ قدميْكَ وَثِقَلِ ظهْرِكَ بالأوزار فكيف بِكَ إذا وضَعْتَ عليهِ إحدى رِجليْكَ واضطرَرْتَ إلى أن ترفعَ القدمَ الثّانِية وبعْضُ الخلائِقِ بين يديْكَ يَزِلّونِ ويتعَثَّرون وأنت تنظُرُ إليهم كيف يتنَكَّسون فتدْنوا إلى جِهَةِ النارِ رؤوسهم وتعلوا أرْجُلهُم
فيا له من مَنْظَرٍ ما أفْظعَهُ وموقِفٍ ما أصْعبَهُ فكيف بِكَ إذا زَلَّتْ قَدمُكْ ولم يَنْفَعُكَ ندَمُكْ وقُلْتَ يا ليتني قدَّمْتُ لحياتي فَسارِعْ إلى التَّوْبةِ يا عبد الله وَكُنْ كجناحَيْ الطَّيْرِ بين الخوْفِ والرَّجاء ترجو رحمةَ اللهِ وتخشى عذابهُ, كُنْ كَعُمر بن عبد العزيز الذي كان تقِيّاً وَلِيّاً لِما قال لرجاء بن حيوه وهو من التّابِعين :إني أخاف فقال رجاء( لَسْتُ أخافُ عليك أنْ تخاف ولكنّي أخافُ عليك ألّا تخاف) ولسْتُ أعني بالخوفِ رِقَّةً كَرِقَّةِ النِّساء تدْمَعُ عيْنُكَ ويَرِقُّ قلبُكَ حالَ السَّماعِ ثم تنْساهُ على الْقُرْبِ وتعودُ إلى لِهْوِكَ ولَعِبَك,بَلْ من خافَ شيئاً ترَكَهُ ومن رجا شيئاً طلبَهُ ولا يُنْجيكَ إلا خوفٌ يَمْنَعُكَ من المعاصي ويَحُثُّكَ على طاعة الله تعالى وها هو عُمر بن عبد العزيز تأْتيهِ امرأةٌ فتقولُ له يا أمير المؤمنين إني رأيْتُ في المنام أنَّ القيامةَ قد قامت وضُرِبَ الصراط فنادى مُنادٍ أبو بكر الصديق فقيل نجا ثم نادى منادٍ عمر بن الخطاب فقيل نجا ثم نادى منادٍ عثمان بن عفان فقيل نجا ثم نادى منادٍ علي بن أبي طالب فقيل نجا ثم نادى منادٍ عمر بن عبد العزيز فوقعَ مغْشِيّاً عليه- ما تحمَّلَ من شِدَّةِ خوفهِ من الله- فقالت والله إني سمعتهم أنهم قالوا نجا فمن عبر واجْتاز الصراط نجا وكان من الفائزين ولَقِيَ حوض النبي الكريم
| |
|
القلب الكبير عضو برونزي
علم الدولة : عدد الرسائل : 343 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
-- توقيت القاهرة:
| موضوع: رد: الصراط...... 8/7/2010, 06:50 | |
| | |
|