الزيتون من الأشجار المباركة والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم سبع مرات، وأوصى النبي
صلى الله عليه وسلم أمته بأن يأكلوا من زيتها ويدهنوا به، وقد ثبت علميًا فوائد أكل زيت
الزيتون والدهان به.
فعندما ما يذكر رب العزة في كتابه شيئًا من الطعام أو الشراب فإن فيه شفاء بإذن الله لأنه هو
الخالق والعالم بما ينفع ويضر الإنسان قال تعالى:
{الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها
كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه
نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس الله بكل شيء عليم}
(النور: 35).
وقوله تعالى: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} (المؤمنون: 20).
وقوله تعالى: {والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين} (التين: 1-3).
أقسم رب العزة بها لعلمه في النسبة بين ذكر التين مرة واحدة وذكر الزيتون وزيته سبع مرات
حكمة تحتاج منا إلى شيء من البحث والتحقيق.
الزيتون في السنة النبوية المطهرة:
لقد نبهتنا السنة النبوية المطهرة القولية والفعلية على أهمية استعمال زيت الزيتون سواء في ا
لطعام أو في الدهان وكان عليه الصلاة والسلام يأكل زيت الزيتون ويدهن به وأعلمنا أن شجرة
الزيتون شجرة مباركة.
عن أبي أسيد رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة" (رواه الترمذي وأحمد والحاكم).
والزيت هنا هو زيت الزيتون والشجرة المباركة هي شجرة الزيتون والدهن الذي يخرج من ثمره
هو زيت الزيتون.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "في الزيتون منافع منها يسرج الزيت وهو إدام ودهان، ودباغ
ووقود يوقد بحطبه وتفله، وليس فيه شيء إلا فيه منفعة حتى الرماد يغسل به الإبريم وهي أول
شجرة نبتت في الدنيا، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان، ونبتت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة،
ودعا لها سبعون نبيًا بالبركة منهم سيدنا إبراهيم عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قال
: "اللهم بارك في الزيت والزيتون".
بماذا تمتاز أشجار الزيتون؟
تتميز بأنها أشجار معمرة حيث يمكن للشجرة الواحدة أن تعيش لأكثر من ألفي سنة دائمة
الخضرة تتحمل الجفاف بشكل كبير وثمرتها من أهم ثمار الزيوت النباتية إذ يشكل زيتها ما بين
50% إلى 70% من وزن الثمرة في المتوسط.
فالشجرة مباركة فعلًا حيث إننا نستفيد من زيتونها وزيتها وخشبها وورقها وتكون الثمرة في البداية خضراء داكنة ثم تتحول إلى سمراء بعد نضجها،
ومن أخطر ما يجري هو صبغ الزيتون الأخضر ليظهر كزيتون أسود لما في هذه الأصباغ من مضار
صعبة واحتمال احتوائها على مواد مسرطنة.
فالزيتون ممتاز للأكل بعد تغسيلة وتخليله وزيت الزيتون من أفضل الزيوت ومع أنه زيت إلا أنه غير
ضار وهو يفيد القلب كما سنرى لاحقًا كما توجد في أوراق الزيتون مادة دهنية غير مشبعة
مضادة للجراثيم حيث تمنع نمو البكتريا والطفيليات عليها ويمكن نقع الورق وشرب السائل
الناتج عنه.
أما خشب أشجار الزيتون فهو قاس وفيه عروق جميلة مما يجعله خشبًا فخمًا للاستخدام في
صناعة التحف وغيرها كما هو غني بالمواد الحافظة التي تمنع تلفه وتسويسه وإصابته
بالحشرات أو الأرضة (النمل الأبيض) والذي يعتبر من ألد أعداء المواد الخشبية.
ويتكون زيت الزيتون من عدد من المركبات الكيميائية المهمة والتي منها مركبات الجليسرين
والأحماض الدهنية والأملاح والفيتامينات وغيرها.
وقد ثبت بالدراسة أن أفضل الزيوت النباتية على الإطلاق هو زيت الزيتون وذلك لما أعطاه الله
تعالى من خاصية خفض ضغط الدم وتقليل امتصاص الجسم للكوليسترول بصفة عامة.
هذا ما أثبتته الأبحاث العلمية الحديثة في العقود المتأخرة من القرن العشرين فتعتبر هذا
الإشارات من المعجزات العلمية للقرآن الكريم وللسنة المطهرة.
تاريخ زيت الزيتون:
موطن شجرة الزيتون هو سوريا وأكد الباحثون أن مملكة (إيبلا) شمال سوريا كانت مهدًا لزراعة
الزيتون ويعود تاريخ شجرة الزيتون في سوريا إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وقد ورد ذكر الزيتون
في التوراة "أطلق نوح الحمامة ليرى إذا كانت المياه قد جفت عن الأرض فعادت إليه الحمامة
وفي فيها ورقة زيتون خضراء".
واكتشفت أن الفراعنة كانوا يستعملونه في التحنيط، فشجرة الزيتون تعيش لفترات طويلة جدًا
ومعدل نموها بطيء وهناك أشجار في القدس يقدر عمرها بـ 2000 عام (أي من أيام المسيح
عليه السلام) وأخرى في إيطالي بـ 3000 عام.
الزيتون في الطب القديم:
أثنى الأطباء القدماء كثيرًا على الزيتون وزيته وورقه وأجزائه الأخرى وقالوا إن الزيتون يجود
الشهوة للطعام ويقوي المعدة ويفتح السدد ويحسن الألوان ويسمن وهو هاضم ويقوي الأعضاء.
وورق الزيتون إذا مضغ أذهب فساد اللثة والقلاع وأورام الحلق وإذا دق وضمد بمائه أو بعصارته
منع الحمرة والنملة والقروح والأورام حتى أنهم قالوا عن ورق الزيتون إن دقت الأوراق والأطراف
الغضة ووضعت فوق العرقوب بأربعة أصابع جذب ما في عرق النسا من التهابات وآلام وأبرأه.
وإن طبخ الورق سكن النقرس والمفاصل، وعصارته إذا حقن بها أذهبت قروح الأمعاء والمعدة.
حتى رماده قالوا قديمًا عنه إذا مزج بماء التمر والعسل يذهب داء الثعلبة والحبة والسعفة.
وصمغ شجرة الزيتون يلصق الجراح ويصلح الأسنان المتآكلة ويقطع السعال المزمن.
ولب النوى إذا ضمت به الأظفار البرصة قطع برصها.
والرطوبة السائلة من قضبانه- عند حرقه- حل جيد للدمعة والسيل ورخاوة الأجفان.
وقالوا أيضًا: أي جزء منه هو نافع إذا طبخ وطلى به نفع الصداع المزمن والدوار.
أما عن زيته فقالوا: فيه خاصية الإرخاء والتلطيف ويستعمل في التهاب الرئة والمعدة وفي مضادة
الديدان والإمساك التشنجي ويصلح الهضم ويغذي جميع أجهزة الجسم.
الفوائد الطبية للزيتون في الطب الحديث:
لزيت الزيتون فوائد طبية كثيرة فقد وصف الزيتون وزيته في الطب الحديث بأنه مغذ وملين ومدر
للصفراء، مفتت للحصى، محارب للإمساك مفيد لمرضى السكر ويستعمل في هذه الحالات
بتناول ملعقة إلى ملعقتين من الزيت مرة في الصباح ومرة قبل النوم ويمكن إضافة عصير
الليمون إليه.
ويفيد الزيتون في حالات الدمامل وفقر الدم والأكزيما وحساسية الجلد وتشقق الأيدي من البرد
والقوباء والكساح، والسيلان الصديدي وسقوط الشعر والعناية بجلد الوجه والجسد، حيث توضع
عليه كمادات من الزيتون الناضج المهروس ولمعالجة فقر الدم والكسح في الأطفال يفرك
الجسم بزيت الزيتون.
ولمعالجة الروماتيزم والتهاب الأعصاب والتواء المفاصل يصنع مرهم من رأس ثوم يبشر في 200
جرام من زيت الزيتون وبعد نقعه يومين أو ثلاثة يفرك به مكان الوجع مرات عدة ويستعمل لمنع
سقوط الشعر حيث تفرك جلدة الرأس بزيت الزيتون مساء لمدة عشر أيام وتغطى ليلًا وتغسل
في الصباح.
كذلك من فوائده الجنسية أنه يزيد في الانتصاب عند الرجال فيهرس الثوم في زيت الزيتون على
نار هادثة ويبرد ويدهن في العانة.
ولعلاج الإمساك التشنجي تصنع حقنة شرجية من 200-400 جم من زيت الزيتون مع نصف لتر
ماء.
كما أن له دورًا في تقوية جهاز المناعة ولهذا يفيد في علاج الأمراض الفيروسية ومرضى الذئبة
والالتهاب الكبدي والإيدز والصدفية وعدوى المثانة وعلاج البواسير ومدر خفيف للبول...
وقد ثبت علميًا أن الأوراق بها مادة فعالة مضادة للأكسدة تمنع وتزيل تصلب الشرايين وتعيد
للأنسجة حيويتها لوجود فيتامين e والزيتون به أيضًا ثلاثة مضادات أكسدة قوية كما يوجد بالزيت
نسبة عالية من الدهون غير المشبعة وفيتامين e,k.
وبما أن زيت الزيتون يحتوي على زيوت غير مشبعة لذا فإنه لا يتأكسد (يزنخ) لأن هذه الزيوت
مكونة من حامض أوليك التي تقلل نسبة الكوليسترول منخفضة الكثافة الضار وتزيد نسبة
الكوليسترول مرتفع الكثافة النافع وهذه الدهون جعلت الشعوب التي تتناول زيت الزيتون بكثرة
لا تصاب بأمراض الأوعية الدموية والقلبية كما يقلل الإصابة بسرطان الثدي والأمعاء والجلد.
وقد ثبت علميًا أن تناول زيت الزيتوت باستمرار يسهم في إبعاد شبح الشيخوخة عن الإنسان
فهو يحتوي على الكثير من الأحماض الضرورية لجسم الإنسان الأمر الذي يساعد على مقاومة
الشيخوخة كذلك يساعد على زيادة نسبة الذكاء لدى الأشخاص الذي يتناولونه باستمرار.
ويعمل كذلك على إزالة المواد الدهنية من الجسم سواء في الدم أم في الألياف العضلية
للإنسان إذ أن زيت الزيتون يعمل على طرد الكوليسترول من جسم الإنسان ويسهم في
مقاومة أمراض السرطان.
ومن هنا نستطيع أن نقول يجب استبدال كل أنواع الدهون التي يتناولها الإنسان وخاصة بعد
سن الأربعين بزيت طازج وهو زيت الزيتون.
فهل بعد ذلك لا نأكل زيت الزيتون ولا ندهن به ونعتني بشجرة الزيتون تلك الشجرة المباركة
وصدق المعصوم صلى الله عليه وسلم:
"كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة"
فالشجرة مباركة والزيت مبارك ولكن كثيرًا من الناس عنه غافلون فزيت الزيتون هبة من الله
تعالى للإنسان فهنيئًا لمن نال من تلك البركات